كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ أَوْ ذَكَرَ سَبَبًا خَفِيًّا كَسَرِقَةٍ إلَخْ) وَشَمَلَ إطْلَاقُهُ دَعْوَى السَّرِقَةِ مَا لَوْ طَلَبَهَا الْمَالِكُ فَقَالَ لَهُ أَرُدُّهَا وَلَمْ يُخْبِرْهُ بِالسَّرِقَةِ، ثُمَّ طَلَبَهُ فَأَخْبَرَهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَفَصَّلَ الْعَبَّادِيُّ فَقَالَ إنْ كَانَ يَرْجُو وُجُودَهَا فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ أَيِسَ مِنْهَا ضَمِنَ وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْهُ، وَأَقَرَّهُ شَرْحُ م ر وَالضَّمَانُ هُنَا حَيْثُ لَزِمَ تَأْخِيرُ الدَّفْعِ بِلَا عُذْرٍ لَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ وَبَحَثَ حَمْلَهُ عَلَى مَا إذَا ادَّعَى وُقُوعَهُ بِخَلْوَةٍ) أَيْ وَإِلَّا طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ عَلَيْهِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ نَعَمْ يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ لَهُ إلَخْ) لَعَلَّهُ إذَا طَلَبَ تَحْلِيفَهُ.
(قَوْلُهُ وَبَحَثَ حَمْلَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْقُوتِ وَمِنْهَا أَيْ التَّنْبِيهَاتِ عِنْدَ الْمُتَوَلِّي مَوْتُ الْحَيَوَانِ وَالْغَصْبُ مِنْ الْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيّ الْغَصْبَ بِالسَّرِقَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ قُلْت وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ ادَّعَى مَوْتَ الْحَيَوَانِ بِقَرْيَةٍ أَوْ رُفْقَةِ سَفَرٍ فَكَمَا قَالَ الْمُتَوَلِّي أَوْ بِبَرِيَّةٍ حَالَ انْفِرَادِهِ فَكَالسَّرِقَةِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْغَصْبِ إنْ ادَّعَى وُقُوعَهُ فِي مَجْمَعٍ كَرُفْقَةٍ أَوْ سُوقٍ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى.
(قَوْلُهُ عَلَى مَا إذَا ادَّعَى وُقُوعَهُ بِحَضْرَةِ جَمْعٍ) أَيْ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ الْخَفِيِّ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ ذَكَرَ خَفِيًّا كَسَرِقَةٍ) وَشَمِلَ إطْلَاقُهُمْ دَعْوَى السَّرِقَةِ مَا لَوْ طَلَبَهَا الْمَالِكُ فَقَالَ لَهُ أَرُدُّهَا وَلَمْ يُخْبِرْهُ بِالسَّرِقَةِ، ثُمَّ طَالَبَهُ فَأَخْبَرَهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَسَمِّ.
(قَوْلُهُ وَغَصْبٍ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَجُحُودُهَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الِاسْتِفَاضَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا مَسْأَلَةَ الْمَوْتِ.
(قَوْلُهُ وَبَحَثَ حَمْلَهُ) أَيْ الْغَصْبِ. اهـ. ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَسَمِّ وَالْغَصْبُ كَالسَّرِقَةِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ إنَّهُ الْأَقْرَبُ وَقِيلَ كَالْمَوْتِ وَرَجَّحَهُ الْمُتَوَلِّي، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنْ ادَّعَى وُقُوعَهُ فِي مَجْمَعٍ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى، وَيَنْبَغِي حَمْلُ الْكَلَامَيْنِ عَلَى ذَلِكَ. اهـ.
(قَوْلُهُ عَلَى مَا إذَا ادَّعَى إلَخْ) وَإِلَّا طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ نِهَايَةٌ وَسَمِّ قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَإِلَّا طُولِبَ إلَخْ مُعْتَمَدٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ بِخَلْوَةٍ) أَيْ فِي مَحَلٍّ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَخْ) أَيْ فِي الْأُولَى مُغْنِي وَرَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ إلَخْ) لَعَلَّهُ إذَا طَلَبَ تَحْلِيفَهُ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ عَلَى السَّبَبِ الْخَفِيِّ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي عِنْدَ ذِكْرِ السَّبَبِ الْخَفِيِّ. اهـ.
(قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُكَلَّفُ الْحَلِفَ أَنَّهَا لَمْ تَتْلَفْ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ وَمَوْتٍ) أَيْ فَهَذَا سَبَبٌ ظَاهِرٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُ الْحَرِيقَ فِي حُكْمِهِ الْآتِي، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْهُ مَعَهُ فِي تَفْصِيلِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ وُجُوبُ الْبَيِّنَةِ نَعَمْ إنْ اسْتَفَاضَ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُهُ بِلَا يَمِينٍ نَظِيرُ الْحَرِيقِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ الْآتِي وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَبَحَثَ حَمْلَهُ) أَيْ الْمَوْتِ عَلَى مَا إذَا إلَخْ جَزَمَ بِهِ النِّهَايَةُ.
(قَوْلُهُ عَلَى مَا إذَا ادَّعَى وُقُوعَهُ إلَخْ) وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ نِهَايَةٌ وَسَمِّ.
(قَوْلُهُ بِالْبَيِّنَةِ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى بِالْمُشَاهَدَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ اُحْتُمِلَ سَلَامَتُهَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْعُمُومِ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ شُمُولُ السَّبَبِ لِلْوَدِيعَةِ فَلَا حَاجَةَ لِمَا زَادَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ التَّقْيِيدِ بِاحْتِمَالِ السَّلَامَةِ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَشَارَ لِمَا لَمَحْته. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُهُ بِأَنَّ اُحْتُمِلَ سَلَامَتُهَا) بِأَنْ عَمَّ ظَاهِرًا لَا يَقِينًا مُغْنِي وَشَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَإِنْ عَرَفَ) أَيْ الْحَرِيقَ وَقَوْلُهُ وَإِنْ جَهِلَ أَيْ مَا ادَّعَاهُ مِنْ السَّبَبِ الظَّاهِرِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ ثُمَّ يَحْلِفُ عَلَى التَّلَفِ بِهِ) قَدْ يُقَالُ هَلَّا فَصَلَ بَيْنَ مَا إذَا تَعَرَّضَتْ الْبَيِّنَةُ لِكَوْنِ الْحَرِيقِ مَثَلًا عُرِفَ وَعُمُومِهِ فَيُصَدَّقُ الْوَدِيعُ بِلَا يَمِينٍ وَبَيْنَ مَا إذَا لَمْ تَتَعَرَّضْ فَيُحْتَاجُ لِلْيَمِينِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ أَقُولُ وَيُصَرِّحُ بِهَذَا التَّفْصِيلِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْمَارُّ بِالْبَيِّنَةِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ عَرَفَ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً أَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ إلَخْ. اهـ.
(وَإِنْ ادَّعَى) وَدِيعٌ لَمْ يَضْمَنْ الْوَدِيعَةَ بِتَفْرِيطٍ، أَوْ تَعَدٍّ (رَدَّهَا عَلَى مِنْ ائْتَمَنَهُ) وَهُوَ أَهْلٌ لِلْقَبْضِ حَالَ الرَّدِّ مَالِكًا كَانَ، أَوْ وَلِيَّهُ، أَوْ وَكِيلَهُ، أَوْ قَيِّمًا، أَوْ حَاكِمًا (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ)؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِأَمَانَتِهِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِإِشْهَادٍ عَلَيْهِ بِهِ وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِتَصْدِيقِ جَابٍ ادَّعَى تَسْلِيمَ مَا جَبَاهُ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى الْجِبَايَةِ كَوَكِيلٍ بِجُعْلٍ ادَّعَى تَسْلِيمَ الثَّمَنِ لِمُوَكِّلِهِ (أَوْ) ادَّعَى الْوَدِيعُ الرَّدَّ (عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَنْ ائْتَمَنَهُ (كَوَارِثِهِ، أَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْمُودَعِ) بِفَتْحِ الدَّالِ (الرَّدَّ) مِنْهُ (عَلَى الْمَالِكِ) لِلْوَدِيعَةِ (أَوْ أَوْدَعَ) الْوَدِيعُ (عِنْدَ سَفَرِهِ أَمِينًا) لَمْ يُعَيِّنْهُ الْمَالِكُ (فَادَّعَى الْأَمِينُ الرَّدَّ عَلَى الْمَالِكِ طُولِبَ) كُلٌّ مِمَّنْ ذُكِرَ (بِبَيِّنَةٍ) كَمَا لَوْ ادَّعَى مَنْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا لِنَحْوِ دَارِهِ وَمُلْتَقِطٌ الرَّدَّ عَلَى الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّدِّ وَلَمْ يَأْتَمِنْهُ أَمَّا لَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْوَدِيعِ أَنَّ مُورَثَهُ رَدَّهَا عَلَى الْمُودِعِ، أَوْ أَنَّهَا تَلِفَتْ فِي يَدِ مُورَثِهِ، أَوْ يَدِهِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُصُولِهَا فِي يَدِ الْوَارِثِ وَعَدَمُ تَعَدِّيهِمَا وَأَفْهَمَ الْمَتْنُ تَصْدِيقَ الْأَمِينِ فِي الْأَخِيرَةِ فِي رَدِّهَا عَلَى الْوَدِيعِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لِلْوَدِيعِ أَخْذَهَا مِنْهُ بَعْدَ عَوْدِهِ مِنْ السَّفَرِ كَمَا مَرَّ (وَجُحُودُهَا بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ) لَهَا بِأَنْ قَالَ لَمْ تُودِعْنِي يَمْنَعُ قَبُولَ دَعْوَاهُ الرَّدَّ، أَوْ التَّلَفَ الْمُسْقِطَ لِلضَّمَانِ قَبْلَ ذَلِكَ لِلتَّنَاقُضِ لَا طَلَبَهُ تَحْلِيفَ الْمَالِكِ وَلَا الْبَيِّنَةَ بِأَحَدِهِمَا لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ.
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ النِّسْيَانَ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّنَاقُضَ مِنْ مُتَكَلِّمٍ وَاحِدٍ أَقْبَحُ فَغُلِّظَ فِيهِ أَكْثَرَ وَفَارَقَ مَا هُنَا مَا مَرَّ فِي الْمُرَابَحَةِ بِأَنَّ التَّنَاقُضَ ثَمَّ صَرِيحٌ لَا يَقْبَلُ تَأْوِيلًا بِخِلَافِهِ هُنَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ بِلَمْ تُودِعْنِي لَمْ يَقَعْ مِنْك إيدَاعٌ لِي بَعْدَ التَّلَفِ، أَوْ الرَّدِّ بِخِلَافِ نَحْوِ قَوْلِهِ لَا وَدِيعَةَ لَك عِنْدِي يُقْبَلُ مِنْهُ الْكُلُّ إذْ لَا تَنَاقُضَ هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ تَلِفَتْ وَإِلَّا فَهُوَ بِقِسْمَيْهِ (مُضَمَّنٌ) وَإِذَا ادَّعَى غَلَطًا، أَوْ نِسْيَانًا لَمْ يُصَدِّقْهُ فِيهِ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّهُ خِيَانَةٌ، نَعَمْ: إنْ طَلَبَهَا مِنْهُ بِحَضْرَةِ ظَالِمٍ خَشِيَ عَلَيْهَا مِنْهُ فَجَحَدَهَا دَفْعًا لِلظَّالِمِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِالْجَحْدِ حِينَئِذٍ وَخَرَجَ بِطَلَبِ الْمَالِكِ قَوْلُهُ ابْتِدَاءً أَوْ جَوَابًا لِسُؤَالِ غَيْرِ الْمَالِكِ، وَلَوْ بِحَضْرَتِهِ، أَوْ لِقَوْلِ الْمَالِكِ لِي عِنْدَك وَدِيعَةٌ لَا وَدِيعَةٌ لِأَحَدٍ عِنْدِي؛ لِأَنَّ إخْفَاءَهَا أَبْلَغُ فِي حِفْظِهَا، وَلَوْ أَنْكَرَ أَصْلَ الْإِيدَاعِ الثَّابِتِ بِنَحْوِ بَيِّنَةٍ حُبِسَ وَهَلْ يَكْفِي جَوَابُهُ بِلَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا لِتَضَمُّنِهِ دَعْوَى تَلَفِهَا، أَوْ رَدِّهَا، أَوْ لَا فِيهِ تَرَدُّدٌ وَالظَّاهِرُ مِنْهُ عَلَى مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ الْأَوَّلُ.
تَنْبِيهٌ:
مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي التَّلَفِ وَالرَّدِّ يَجْرِي فِي كُلِّ أَمِينٍ إلَّا الْمُرْتَهِنَ وَالْمُسْتَأْجِرَ فَإِنَّهُمَا لَا يُصَدَّقَانِ فِي الرَّدِّ وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى أَنَّ نَحْوَ الْغَاصِبِ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ أَيْضًا لِئَلَّا يَخْلُدَ حَبْسُهُ ثُمَّ يَغْرَمَ الْبَدَلَ وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ أَيِسَ مِنْ مَالِكِهَا بَعْدَ الْبَحْثِ التَّامِّ وَيَظْهَرُ أَنْ يَلْحَقَ بِهَا فِيمَا يَأْتِي لُقَطَةُ الْحَرَمِ بِأَنَّهُ يَصْرِفُهَا فِي أَهَمِّ الْمَصَالِحِ إنْ عَرَفَ وَإِلَّا سَأَلَ عَارِفًا وَيُقَدِّمُ الْأَحْوَجَ وَلَا يَبْنِي بِهَا مَسْجِدًا.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَدْفَعُهَا لِقَاضٍ أَمِينٍ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِفَسَادِ الزَّمَانِ قَالَ كَالْجَوَاهِرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَرِّفَهَا كَاللُّقَطَةِ فَلَعَلَّ صَاحِبَهَا نَسِيَهَا فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ صَرَفَهَا فِيمَا ذُكِرَ. اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا مَالٌ ضَائِعٌ فَمَتَى لَمْ يَيْأَسْ مِنْ مَالِكِهِ أَمْسَكَهُ لَهُ أَبَدًا مَعَ التَّعْرِيفِ نَدْبًا، أَوْ أَعْطَاهُ لِلْقَاضِي الْأَمِينِ فَيَحْفَظُهُ لَهُ كَذَلِكَ وَمَتَى أَيِسَ مِنْهُ أَيْ بِأَنْ يَبْعُدَ فِي الْعَادَةِ وُجُودُهُ فِيمَا يَظْهَرُ صَارَ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ فَيَصْرِفُهُ فِي مَصَارِفِهَا مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ، وَلَوْ لِبِنَاءِ نَحْوِ مَسْجِدٍ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يَبْنِي بِهَا مَسْجِدًا لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ الْأَفْضَلِ وَأَنَّ غَيْرَهُ أَهَمُّ مِنْهُ وَإِلَّا فَقَدْ صَرَّحُوا فِي مَالِ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ بِأَنَّ لَهُ بِنَاءَهُ، أَوْ يَدْفَعَهُ لِلْأُمِّ مَا لَمْ يَكُنْ جَائِزًا فِيمَا يَظْهَرُ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ مَالِكًا كَانَ إلَخْ) تَفْصِيلٌ لِمَنْ ائْتَمَنَهُ فَهُمْ مُودِعُونَ.
(قَوْلُهُ وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِتَصْدِيقِ جَابٍ ادَّعَى إلَخْ) بِخِلَافِ جَابِي وَقْفٍ أَقَامَهُ غَيْرُ نَاظِرِهِ كَوَاقِفِهِ ادَّعَى تَسْلِيمَ مَا جَبَاهُ لِنَاظِرِهِ لَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ م ر.
(قَوْلُهُ ادَّعَى تَسْلِيمَ الثَّمَنِ لِمُوَكِّلِهِ) هَذَا لَا يُخَالِفُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ أَتَيْت بِالتَّصَرُّفِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ صِدْقَ الْمُوَكَّلِ.
(قَوْلُهُ قُبِلَ ذَلِكَ) يَتَعَلَّقُ بِالرَّدِّ وَالتَّلَفِ فَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ ادَّعَى الرَّدَّ وَالتَّلَفَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ الْجُحُودِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ لَكِنْ يَضْمَنُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا يُسْتَفَادُ مِمَّا يَأْتِي عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ بِأَنَّ التَّنَاقُضَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ التَّنَاقُضُ الْمَذْكُورُ حَاصِلٌ مَعَ الْبَيِّنَةِ أَيْضًا ضَرُورَةَ أَنَّهُ فَرْعُ الدَّعْوَى.
(قَوْلُهُ لَا يُقْبَلُ تَأْوِيلًا) قَدْ يُقَالُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَا فَصَّلُوا هُنَاكَ بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ لِغَلَطِهِ وَجْهًا مُحْتَمَلًا فَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَإِلَّا فَلَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ يُقْبَلُ مِنْهُ الْكُلُّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ إنْ اعْتَرَفَ بَعْدَ الْجُحُودِ بِأَنَّهَا كَانَتْ بَاقِيَةً يَوْمَهُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي دَعْوَاهُ إلَّا بِبَيِّنَةِ الرَّدِّ انْتَهَى أَيْ وَأَمَّا دَعْوَاهُ التَّلَفَ فَيُصَدَّقُ فِيهَا بِيَمِينِهِ وَيَضْمَنُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ ادَّعَى التَّلَفَ بَعْدَهُ أَيْ الْجُحُودِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَضَمِنَ الْبَدَلَ لِخِيَانَتِهِ بِالْجُحُودِ كَالْغَاصِبِ سَوَاءٌ قَالَ فِي جُحُودِهِ لَا شَيْءَ لَك عِنْدِي أَمْ قَالَ لَمْ تُودِعْنِي وَإِنْ ادَّعَى الرَّدَّ بَعْدَهُ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهُوَ) أَيْ الْجُحُودُ بِقِسْمَيْهِ أَيْ لَمْ تُودِعْنِي وَلَا وَدِيعَةَ لَك عِنْدِي.
(قَوْلُهُ وَهَلْ يَكْفِي جَوَابُهُ) وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ جَوَابَهُ بَعْدَ إنْكَارِ أَصْلِ الْإِيدَاعِ الْمَذْكُورِ فَمُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ إنْكَارَ أَصْلِ الْإِيدَاعِ يَمْنَعُ قَبُولَ دَعْوَى الرَّدِّ وَالتَّلَفِ فَكَيْفَ يُقْبَلُ دَعْوَى مَا يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُرَادُ جَوَابَهُ لِدَعْوَى الْإِيدَاعِ الثَّابِتِ فَوَاضِحٌ، وَيَكُونُ وَجْهُ التَّرَدُّدِ عَدَمَ الصَّرَاحَةِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ أَوْ التَّلَفِ.
(قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ الْوَدِيعَةَ إلَخْ) أَيْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ تَفْرِيطٌ أَوْ تَعَدٍّ يَقْتَضِي دُخُولَ الْوَدِيعَةِ فِي ضَمَانِهِ.
(قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ الْوَدِيعَةَ بِتَفْرِيطٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مِثْلَهُ يَتَأَتَّى فِيمَا مَرَّ فِي دَعْوَى التَّلَفِ لَكِنَّهُ إنَّمَا خَصَّ هَذَا بِالتَّقْيِيدِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ مُبَرِّئٌ دُونَ التَّلَفِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ دَعْوَى الرَّدِّ كَالرَّدِّ فَدَفَعَهُ بِمَا ذُكِرَ. اهـ. رَشِيدِيٌّ أَقُولُ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ كَغَيْرِهِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ نَعَمْ يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ مَالِكًا كَانَ إلَخْ) تَفْصِيلٌ لِمَنْ ائْتَمَنَهُ فَهُمْ مُودِعُونَ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ) أَيْ مَنْ ائْتَمَنَهُ وَكَذَا ضَمِيرُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ الرَّدِّ.
(قَوْلُهُ بِتَصْدِيقِ جَابٍ إلَخْ) بِخِلَافِ جَابِي وَقْفٍ أَقَامَهُ غَيْرُ نَاظِرِهِ كَوَاقِفِهِ ادَّعَى تَسْلِيمَ مَا جَبَاهُ لِنَاظِرِهِ لَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ سم عَلَى حَجّ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ غَيْرُ نَاظِرِهِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ نَاظِرُهُ لِلْجِبَايَةِ قَبْلَ دَعْوَاهُ التَّسْلِيمَ. اهـ. ع ش.